بدأت مارجوري جوبسون مسيرتها النضالية كعضو في منظمة تعنى بحقوق المرأة، هي منظمة بلاك ساش (أو “الوشاح الأسود” وأسست في الأصل باسم رابطة الدفاع عن المرأة في الدستور) التي قدمت الدعم للجنوب أفريقيين السود المتضررين من القانون العنصري عبر مكاتب للإرشاد تم تأسيسها في تسع مواقع في مختلف أرجاء البلاد. وبصفتها قائدة مشاركة في فرع المنظمة في بريتوريا، انخرطت في العمل على وقف إعدام السجناء السياسيين في “سجن الإعدام شنقاً” في بريتوريا. وقد نجحت الحملة المناهضة لعقوبة الإعدام عندما أعلن الرئيس دي كليرك، وهو آخر رؤساء نظام الفصل العنصري، عن تعليق العمل بعقوبة الإعدام على أساس الدليل الذي قدمته هذه الحملة. وفي عام 1997، طُلب منها الانضمام إلى مجموعة الدعم خولوماني، وقد وُجِّه إليها هذا الطلب من سجين سابق كان على “قائمة المحكوم عليهم بالإعدام”، هو السيد دوما كومالو، وهو أحد الستة المدانين خطأً بقتل العمدة الأسود لمنطقة شاربفيل، والذين عُرفوا باسم “ستة شاربفيل” (Sharpeville Six). وتم تعيين مارجوري المديرة الوطنية لمجموعة خولوماني خلال الاجتماع السنوي للهيئة العامة سنة 2006. وتم التجديد لها في هذا المنصب في الاجتماعات اللاحقة.

 

المحامي مافوجين من دائرة العدل الوطنية يتحدث مع ناجين من مذبحة سوانفيل، وذلك خارج المكتب الرئيسي لوزارة العدل في بريتوريا. 25 آذار/ مارس 2021

تأسست مجموعة الدعم خولوماني، وتعني بلغة الزولو “تكلم بلا خوف”، عام 1995 قبل تشكيل لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا بهدف تيسير وصول الضحايا إلى عمليات العدالة الانتقالية. ويتجاوز عدد أعضاء مجموعة الدعم خولوماني اليوم 100,000 عضو من الضحايا والناجين من العنف السياسي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في حقبة الحكم العنصري. ويشكل الأعضاء المؤسسون مجموعات مؤلفة من الضحايا تدعى مجموعات حوار الضحايا في مختلف أنحاء البلاد في محاولة للحيلولة دون إقصاء الضحايا في القواعد الشعبية عن العمليات الرامية إلى الوصول إلى الحقيقة والعدالة. تمثلت فلسفة مجموعة الدعم خولوماني بمحاولة ضمان التفاعل المباشر مع الضحايا. وفي هذا الصدد تقول مارجوري جوبسون “كان الشعار الذي تبنيناه حينذاك يقول ’لا شيء يعطى لنا من دوننا‘، وقد استمرت تلك الممارسة حتى يومنا هذا”.

مارجوري جوبسون

درست مارجوري الطب وجمعت بين عملها المهني وعملها النضالي من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة للجميع. وعملت مارجوري زميلة بحث وتدريس في معهد دراسات المرأة ودراسات النوع الاجتماعي بجامعة بريتوريا لأكثر من عشر سنوات، وعضو مجلس إدارة في مركز سيافنا للموارد الإنمائية في كوازولو ناتال الذي كان رائداً في تطوير امتياز اجتماعي للمزارعين في الأرياف الذين يعتمدون على الزراعة العضوية.

ولكن ما هي الدروس التي استخلصتها مارجوري من تجربة جنوب أفريقيا منذ حقبة الفصل العنصري؟

توضّح مارجوري أن أهداف لجنة الحقيقة والمصالحة فيما يتعلق بالضحايا والناجين لم تتحقق بعد، وتقول إن “العمل جارٍ على إحداث تحول في مجتمع تضرر بعمق، كالمجتمع الجنوب أفريقي، بفعل تاريخه مع الاستعمار والفصل العنصري. ويبقى التعامل مع مشكلات الصحة العقلية ذات الصلة بالصدمة الشديدة هو أحد محاور التركيز الرئيسية فيما يتعلق باحتياجات الأشخاص. لقد مرت عشرون سنة ولم ينبرِ أحد للحديث عن ممارسة العنف الجنسي الواسع النطاق في الصراع. وبالتالي باتت جنوب أفريقيا تمتلك سجلاً مؤسفاً باندراجها ضمن قائمة البلدان التي تسجل أعلى معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي في العالم. ففي فترة عمل لجنة الحقيقة والمصالحة (1996-1997) لم يكن قد تم الاعتراف بعد باستخدام الاغتصاب كسلاح حرب”. لكن مارجوري تشعر بالامتنان لأن الوضع في البلاد تغير أخيراً بحيث لم يعد الاعتراف بالحاجة إلى مداواة الجراح أمراً مخزياً، مضيفة بأن “متطلبات النضال  كانت شاقة لدرجة أن القادة أمروا الناس بأن ’لا تحزنوا. وواصلوا المسيرة‘”.

مارجوري جوبسون

وتدرك مارجوري جوبسون جيداً أهمية عضويتها في شبكة إنوفاس نظراً لأن الشبكة تهدف إلى وضع الضحايا والناجين في صلب عمليات العدالة الانتقالية. وهي تأمل في أن تساهم الشبكة في إحداث تحول في الانكسارات التي قادت إلى خذلان الضحايا في عمليات العدالة الانتقالية وخصوصاً فيما يتعلق بالدور الذي تؤديه التعويضات باعتبارها تدبيراً مطلوباً بشدة للمساعدة في جبر الأضرار. فهذه القضايا لها تأثير على كافة أعضاء شبكة إنوفاس. إذ كان رفض ممارسة التعامل مع الضحية على أنها “حالة خيرية” لا يمكنها التحدث عن نفسها والتعبير عن رأيها من أهم نقاط النقاش المطروحة في الاجتماعات الاستراتيجية للشبكة. وتوضح مارجوري أن مجموعة الدعم خولوماني ترفض منطق مداراة الضحية بحجة التستر على وصمة العار اللاحقة بها.

وبدلاً من ذلك، فإنه بوسع الضحايا والناجين إدارة النقاشات والتعبير عن أنفسهم بأنفسهم.

وتختتم مارجوري بالقول إن “الموقف الذي ينظر إلى الضحية كشخص بحاجة للمساعدة وإلى مَن يعمل نيابة عنه، هو موقف مرفوض لدينا. فكل الضحايا والناجين لديهم آراؤهم ولهم الحق في أن يتم الاستماع إليهم”.